من روائع نزار قباني

أرجوك دعيني

إذا ما كتبت على ورق الورد والياسمين إني أحبك
أرجوك أن تقرئيها
إذا ما ركضت كطفل مذعور في غابات شعرك
أرجوك لا توقفيني
إذا ما حملت حليب العصافير ليكون مهرا لك
فأرجوك لا ترفضيني
إذا ما بعثت بألف ألف رسالة حب لك فأرجوك لا تحرقيها
وأرجوك لا تحرقيني
إذا لم يبقى بين الفتيات سواك وبين الشباب سواي
وما عدت اعرف أين تكون يداك وأين تكون يداي
وما عدت افرق بين الدموع وبين دمائي
وما عدت أميز كلام عينيك من كلام المرايا
وإذا ما تناثرت في آخر الليل مثل الشظايا
وحاصرني العشق من كلا الجانبين
وحاصرني الكحل من كل النواحي
وضيعت اسمي وعنوان بيتي
وضيعت السماء كل المراكب
فأرجوك بعد التنازل أن تجمعيني
وأرجوك بعد انكساري أن تلصقيني
وسأعلن بعدها أن الجميلات في الكون نوادر
وانه أنت وحدك من تملكين شعري
فباسم الذين يعانون من ذبحة ولعنة الحب
أرجوك لا تلعنيني
وباسم الذين يعانون من جرح القلب
لا تجرحيني
احبك .... احبك .... احبك .... احبك
فأرجوك لا تسكتيني
إذا ما أضعت اتزاني وطبقت خصرك فوق الرصيف
فأرجوك لا تنحريني
إذا ما ضربت شبابيك نهديك كالبرق ذات مساء
فأرجوك أن تسعفيني
إذا ما نزفت كعصفور جريح على ساعديك الناعمين
فأرجوك أن تداويني
إذا ما خرجت عن كل عرف وكل نظام وقانون
فأرجوك لا تقمعيني
إذا ما تدفقت كالبحر الهائج فوق رمال جسدك السمراء
فأرجوك لا توقفيني
إذا ما طلبت اللجوء إلى كوخ عينيك الصغيرتين يوما
فأرجوك لا تطرديني
إذا ما انكسرت فتافيت ضوء على قدميك
فأرجوك لا تسحقيني
إذا ما ارتكبت جريمة حب جميلة ذات يوم
وضيعت لون البرونز المعتق على كتفيك
فأرجوك أن تيقنيني
إذا ما تصرفت كغلام شقي يداعب وجنتيك
فأرجوك لا تضربيني
إذا ما رؤوك معي في مقاهي المدينة يوما
فأرجوك لا تنكريني
فكل نساء المدينة وفتياتها يعرفن من أنا
ويعرفن أيضا ضعفي أمام النساء والجمال
ويعرفن ما هو مصدر الشعر والياسمين
فكيف النسيان وأنت مصورة في مياه العيون